روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | الشيخ الباقوري.. الفقيه الأديب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > الشيخ الباقوري.. الفقيه الأديب


  الشيخ الباقوري.. الفقيه الأديب
     عدد مرات المشاهدة: 3403        عدد مرات الإرسال: 0

ولد الشيخ أحمد حسن الباقوري ابن الشيخ أحمد عبدالقادر بدوي، في السادس والعشرين من مايو سنة ١٩٠٧ في قرية باقور بمركز «أبوتيج» بأسيوط، التحق بكتاب القرية.

وبعد إتمامه حفظ القرآن التحق بمعهد أسيوط الديني عام ١٩٢٢ وحصل منه علي الشهادة الثانوية عام ١٩٢٨.

ثم التحق بالقسم العالي، وحصل منه علي شهادة العالمية النظامية عام ١٩٣٢، ثم حصل علي شهادة التخصص في البلاغة والأدب عام ١٩٣٦،

 وبعد تخرجه عين مدرسًا للغة العربية وعلوم البلاغة في معهد القاهرة الأزهري.

ثم نقل مدرسًا بكلية اللغة العربية، وبعدها نقل وكيلًا لمعهد أسيوط العلمي الديني، ولم يلبث أن نقل وكيلًا لمعهد القاهرة الديني الأزهري عام ١٩٤٧، وفي سنة ١٩٥٠ عين شيخًا للمعهد الديني بالمنيا.

وللباقوري مسيرة حافلة في العلم والسياسة، وقد بدأ مسيرته الدينية بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.

وتم فصله منها بمجرد قبوله منصب وزير الأوقاف بعد ثورة يوليو عام ١٩٥٢، وترشح لعضوية مجلس الأمة وأسس جمعية الشبان المسلمين.

وللباقوري عدة كتب كان منها «مع كتاب الله» و«مع الصائمين» و«مع القرآن» وكان من دعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية.

وتوفي الشيخ الباقوري في السابع والعشرين من أغسطس عام ١٩٨٥، أي أنه يكون قد مر مائة عام علي ميلاده واثنان وعشرون عامًا علي الرحيل.

وكان الباقوري قدم أوراق اعتماده للتاريخ كواحد من عموم المصريين، يعيش حياتهم ويتعرض لما يتعرضون له في هذه الحياة، ولم ير في نفسه وصيًا دينيًا علي ضمير المسلمين، رغم مكانته العلمية الرفيعة.

بل ومكانته السياسية، وكونه أحد علماء الأزهر البارزين، بل هناك ما هو أبعد من هذا.. فإنه لم يفرض وصايته علي أبنائه، أعني بناته الثلاث، وكل ما فعله أنه خلق مناخًا وبيئة دينية لهن في البيت.

وكان الكاتب الكبير محمود عوض قد قدم لوحة قلمية للشيخ أحمد حسن الباقوري بعنوان «اعتذار إلي الله» نشرها في «أخبار اليوم» في السادس من يناير سنة ١٩٦٨، أي منذ أربعين عامًا تقريبًا، وضمنها كتابه «شخصيات».

وكانت هذه الصورة القلمية للباقوري من الداخل، أعني من داخل بيته ومن داخل شخصيته، إذ قدمت قراءة لأفكار الرجل ورؤاه عن الحياة وعن الدين..

وفي هذه اللوحة القلمية تحدث الباقوري وتحدثت بناته، أما الباقوري فقال إن المشاعر الدينية تنفذ إلي نفوس الناس من خلال العقبات الكثيرة التي أنتجتها الحضارة المعاصرة.

والإنسان في لحظات ضعفه يزداد تمسكًا بالدين، والإنسان في حالة ضعفه يبحث عن القوة الأعلي منه.

ثم قال الباقوري الذي كان مقربًا لرجال ثورة يوليو: «إن النكسة التي أصابتنا هي من أبرز أسباب الاحتماء بالله وبالدين».

أما عن الصورة الغيبية والمفترضة التي يرسمها الناس لبيت رجل الدين من الداخل.

فقد فارقها الباقوري ونقف عليها في هذه الصورة القلمية التي تكشف عن جرأة الكاتب وجرأة الشيخ أيضًا، فيقول أنت تسألني عن الدين في حياة أولادي.. حسنًا.. أنت تعلم أن لي بناتًا ثلاث.. إنهن طبعًا يؤدين فريضة الصيام دائمًا..

أما الصلاة.. آه.. فعلًا.. إنهن كشأن معظم الناس دائمًا.. لا يتذكرنها إلا وقت الشدة.. وهو أمر يؤسفني.

ثم.. ماذا؟ هل هذا يذكرك بسؤالي عن طريقة تربيتهن؟

لا.. لاتجد حرجًا يا أخي ولكنني أقول لك إن سيدنا علي بن أبي طالب كان يقول: «الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم وأمهاتهم».

وقد هزمني هذا العصر أحيانًا في تربية أولادي، وهزمته أنا أحيانًا أخري فلسوء الحظ مثلًا واحدة من بناتي تدخن السجاير ولحسن الحظ مثلًا إن بناتي-بمن فيهن هذه التي تدخن- يتمسكن تمامًا بأهداب الدين.

أما ابنة الباقوري «ليلي أحمد الباقوري» وكان عمرها في عام ١٩٦٨ ستة وعشرين عامًا، وكانت متزوجة مثل أختيها «عزة» و«يمني»، وقالت لمحمود عوض «عشنا حياة عادية مثل أي أسرة عادية.

وطبعًا تستطيع أن تتوقع شيئًا كثيرًا من مراعاة آداب الدين وهذا صحيح.

ولكنني لا أذكر أن أبي أجبرنا يومًا علي التدين، لا.. لم يستعمل معنا هذا الأسلوب، ولكن نشأتنا نفسها هي التي جعلتنا نحس بمتعة الدين، ولم نكن لنتفق معه دائمًا، كان يحدث أحيانًا أن نختلف ونحن أصدقاء عندما نختلف.

فهو لا يلجأ إلي سلطته كأب عندما نختلف معه، ولكنه يقنعنا كصديق.. إما أن نقتنع نحن أو يقتنع هو، وتستطيع طبعًا أن تتوقع النتيجة، فنحن اللاتي كن نقتنع في معظم الأحيان.

وفي مراجعة لما اصطلح علي تسميته «رجل دين» سأله محمود عوض.. كيف تري حياتك منذ أن أصبحت أحد رجال الدين في مصر؟ فقاطعه الباقوري قائلًا: ولكنني لست رجل دين، فأنا لم أتخصص في الدين.

ولكن في اللغة العربية والأدب العربي.. فقال عوض: ولكنك تخرجت في الأزهر؟ فيجيب الباقوري: فعلًا تخرجت في الأزهر والناس ينظرون إلي رجال الأزهر علي أنهم رجال دين، وهذا خطأ يجب تصحيحه إن رجل الدين واسطة بين الناس وربه.

وهذا المفهوم لا يعرفه الإسلام، فالإسلام يفرض علي أتباعه أن يعملوا في الدنيا من أجل الدين، وكل مسلم مسؤول عن الإسلام، ولا واسطة بين المسلم وبين الله.

هذا كلام الشيخ الباقوري الذي حينما ووجه بتعريف رجل الدين أن ثقافته ومهنته تقتصر علي الدين..

أجاب قائلًا: «حتي في هذه الحدود لا يوجد رجل دين» إنما توجد دراسات دينية وكل الذي يمتاز به الدارس في الأزهر هو حصوله علي دراسات فنية يستخرج بها أحكامًا شرعية من القرآن والسنة، تستطيع إذن أن تسميه فنيًا في استخراج أحكام الدين،

 وأضاف الباقوري قائلًا: عندما اتصل الشرق الإسلامي بالغرب المسيحي أخذنا نحن المسلمين كلمة رجل دين من الحضارة الغربية وأطلقناها علي أقرب الناس للدين في مجتمعنا وهم رجال الأزهر، وهذا مفهوم خاطئ.

الكاتب:  ماهر حسن 

المصدر: المصري اليوم